-A +A
محمد بن عبدالله القاضي
«حنين» إلى أرث الماضي وابتهاج بإطلالة الحاضر الزاهر، ولأن لاسم (حنين) وقعاً جميلاً على أذني كونه اسماً لصغرى بنياتي، ولكن الحنين هذه المرة أسكبه حنيناً لقصة التاريخ الحافل بكفاح الأجيال وبلغة الحب وبالصدر المنشرح لرؤية بلدتنا القديمة بالعُلا، وكأنني أراها وهي تنادينا جميعاً بعد أن اعتقدنا بأننا قد ودعناها، لكن الحنين ظل مختبئاً في الأزقة وشقوق النوافذ وبين ضلوع أهل البلدة القديمة وكل من عرف العُلا، خصوصاً من ولد وعاش وتَرعرع في بيوتها، وأنس بهدوئها، ومن تعايش مع طيبة وسماحة وأمانة أهلها، فها هي اليوم قد عادت إليكم تواقّة إلى مصافحتكم فرداً فرداً عند كل مفترق وزاوية من زوايا أسواقها بعد أن كنتم تسعون خلف طيف الأمل والرجاء لانتشالها من وهدتها، عادت فاشرأبت لها الأعناق، وراجت بها الأسواقـ وطارت لها الأشواق، عادت فانزاحت عنها الحقبة المظلمة من الهجران فأحاطت بها الأضواء بليالٍ ساحرة مؤنسة وبإعداد مدهش مرحبة بكل قادم إليها من قريب أو بعيد، فسرى نبض الحياة في أوصالها منادية الجميع ليروا ما أمست فيه وأصبحت عليه بعد خضوعها لعمليات التجميل بأحدث فنون التطوير بعد أن ارتوى صداها وابتل، وإشراقها للعالم قد عاد وأطل، فتنحى عنها زمن الجفاء واضمحل، بلا رجعة، منهية عزلتها بلا نوم ولا هجعة.

ها هي ديرتكم القديمة تناجيكم متوشحة بالحلل والأساور الجديدة التي كساها إياها ولي العهد، يحفظه الله، فكأنما نور تألق بالسنا ثم انطفأ فيعود باللمعان، هكذا عادت بأطلالها وبماضيها العتيد للحاضر المجيد لتعانق هام السحب في وطن الشمم والأمجاد، وكأنما أراها بهذا الفيض من الاهتمام، راحت تغمر وجهها بكفيها مستسلمة لدموع الفرح والانشراح، شرح الله صدوركم.


شكراً من الأعماق سيدي سمو ولي العهد الأمير الشاب محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، مني ومن أهالي العلا وأهالي البلدة القديمة (الديرة) في محافظة العُلا بشكل خاص.